من يشتري الوقت؟

الأخ إحسان بطرس

مرّت السنة بِسرعة ودخلنا عامًا جديدًا بنعمة الرب واثقين بأنّ الرب يسوع هو قبطان سفينة حياتنا وهو مرساتها أيضًا، وقريبًا جدًا سوف نصل بأمان إلى ميناء بيت الآب الأبدي. وبينما كنا نحتفل بابتهاج متذكرين مراحم الرب وأمانته ومعيّته بدخولنا لسنة جديدة ربما يكون البعض قد تذكَّر كيف انقرضت السنوات وكأنها أيام قليلة، أو كما وصفها موسى في مزمور 90 “أفنينا سنينا كقصة”، ومع هذه الرحلة القصيرة، نحن نشكر الرب لأن باب النعمة مفتوح لقبول الخطاة ليعطيهم الرب يسوع الخلاص الأبدي وكل عطاياه الأبدية.

أيها القارئ الكريم، أريد أن أشاركك بموضوع هام جدًا وهو الوقت. فجميعنا يعرف تلك المقولة المعروفة في كل العالم “الوقت من ذهب”. فهذه العبارة صحيحة مئة بالمئة، لكن هل فكرت يومًا بأن تشتري الوقت؟ ربما يظن أحد أني أهذي لأني قلت من يشتري الوقت؟ كلّا، أنا لا أهذي بل أتكلم بكلمات الصحو والصدق. دعني أبسِطُ لك ما أقصده بهذه الأمثلة من الكتاب المقدس:

أنقذ الوقت ولا تدخل في تجربة إبليس

قال الرب يسوع لسمعان: “يَا سِمْعَانُ، أَنْتَ نَائِمٌ! أَمَا قَدَرْتَ أَنْ تَسْهَرَ سَاعَةً وَاحِدَةً؟” (مرقس ٣٧:١٤) جميعنا يعرف ماذا حصل بعد ذلك وكيف تدهورت حالته لدرجة أنه أنكر يسوع. ما أريد أن أقوله هو:

– إنّ ضعف وقلّة صلواتنا يجعلنا ننهزم أمام تجارب إبليس. فلنفحص ذواتنا أمام الرب: كم دقيقة نصلي في اليوم؟ أنا أول شخص مُقّصر في هذا الموضوع… فكلنا كمؤمنين نحتاج إلى ساعة نحررها وننقذها من العالم الحاضر الشرير. فقد قال الرب للذين قبضوا عليه: “هذه ساعتكم وسلطان الظلمة.” فلو كان سمعان قد قضى ساعة في الصلاة لانتصر على ساعة الشر. أيها المؤمن، هل تتعهد في بداية السنة الجديدة أن تشتري ساعة صلاة فتنقذ نفسك من هدر الوقت وتنتصر على الهجوم الشيطاني؟

اشترِ الوقت في انتظار رجوع المسيح

في إنجيل متى ١:٢٥-١٣ نقرأ عن مثل العذارى الحكيمات والعذارى الجاهلات. هناك فكرة واضحة عن السهر الروحي وانتظار الرب من السماء الذي لا نعرف متى سيأتي. فهل نحن مستعدون لمجيئه؟ يقول بولس الرسول: “هذَا وَإِنَّكُمْ عَارِفُونَ الْوَقْتَ، أَنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ، فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا.” (رومية 11:13) فهل تشتري الوقت للاستيقاظ الروحي؟

اشترِ الوقت لكي تقول: لا! لأعمال الظلمة.لأنّ أعمال الظلمة المذكورة في رومية ١٣:١٣ ليست خطايا شنيعة فقط بل هي مضيعة للوقت يصفها الكتاب في موضع آخر بإنها “زنجار” في المجتمع. أما نحن المؤمنون المفديون بدم المسيح فإننا نفتدي الوقت بسلوك يليق بالرب لأننا أبناء النور نحن، وننتظر حبيبنا يسوع وربنا المعبود، فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور التي هي الشكر والتّعقّل والقداسة والمحبة.

استثمر وقتك في البشارة

كثيرًا ما نجلس مع أناس غير مؤمنين ونتحادث معهم بمواضيع مختلفة وتنتهي الجلسة دون أن نكون قد ذكرنا شيئًا عن إنجيل المسيح، لذلك يجب أن نتصرّف بحكمة كما يقول الكتاب “اُسْلُكُوا بِحِكْمَةٍ مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ.” (كولوسي 5:4) وأما من جهة المعاندين والمجادلين فعلينا ألا نضيّع أوقاتنا، وأفضل مثال هو بولس في وسط الفلاسفة، فقد كرز لهم بالمسيح (أعمال 22:17-٣١) وبعد أن كان البعض يستهزئون يقول الكتاب: “وهكذا خرج بولس من وسطهم.” أيها الأحباء ليس لدينا الوقت لنضيّعه في مجادلات فارغة.

اشترِ الوقت في الأولويات

هذه الفكرة موجودة في سفر حجّي: “هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلًا: هذَا الشَّعْبُ قَالَ إِنَّ الْوَقْتَ لَمْ يَبْلُغْ وَقْتَ بِنَاءِ بَيْتِ الرَّبِّ فَكَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ عَنْ يد حَجَّي النَّبِيِّ قَائِلًا: هَلِ الْوَقْتُ لَكُمْ أَنْتُمْ أَنْ تَسْكُنُوا فِي بُيُوتِكُمُ الْمُغَشَّاةِ، وَهذَا الْبَيْتُ خَرَابٌ؟” (حجّي 2:1-4) فهل أولويّاتنا للرب أوّلًا؟

أنه وقت لنستثمره في خدمة الرب. لقد اختلق الشعب في الماضي الأعذار والظروف السياسية لتأجيل بناء بيت الرب، ولكن الرب أرسل أنبياءه لكي يصحّح تلك المفاهيم الخاطئة؛ لذلك يقول الكتاب: “إِنَّهُ وَقْتُ عَمَلٍ لِلرَّبِّ…” (مزمور 126:119)

قال أحد الخدّام قبل وفاته، لم أبنِ بيتًا حجريًّا لنفسي ولكن الله استخدمني في بناء بيت روحيٍّ أي كنيسته! حقًّا هذه هي نظرة شراء الوقت في الأولويات لخدمة الرب.

أيها القارئ، لنتعهّد أمام الله أن نشتري الزمان الباقي لعمل إرادة الله. “لِكَيْ لاَ يَعِيشَ أَيْضًا الزَّمَانَ الْبَاقِيَ فِي الْجَسَدِ، لِشَهَوَاتِ النَّاسِ، بَلْ لإِرَادَةِ اللهِ. لأَنَّ زَمَانَ الْحَيَاةِ الَّذِي مَضَى يَكْفِينَا لِنَكُونَ قَدْ عَمِلْنَا إِرَادَةَ الأُمَمِ، سَالِكِينَ فِي الدَّعَارَةِ وَالشَّهَوَاتِ، وَإِدْمَانِ الْخَمْرِ، وَالْبَطَرِ، وَالْمُنَادَمَاتِ، وَعِبَادَةِ الأَوْثَانِ الْمُحَرَّمَةِ.”

حرر الوقت من البطالة

لقد أعطى الرب لكل مؤمن مواهب وخدمات ومهارات متنوِّعة لكي نستثمرها في نشر الإنجيل، ولكن هل نحن أمناء عليها؟ في مثل الوزنات توضيح لذلك (متى 14:25-٣٠): لقد ضيّع العبد البطال مال سيده بالكسل، وما أخطر هذه الكلمات التي قالها له سيده: “أيها العبد الشرير والكسلان”. فلنتحذر من آفة الكسل التي تأكل الوقت، فالكتاب يقول: “أما ثروة الإنسان الكريمة فهي الاجتهاد”.

صلِّ معي: يا رب عرّفني ما هي خدماتي ومواهبي؟ أريد أن أكون عبدًا أمينًا ومجتهدًا. علّمني كيف استثمر الوقت في وزنات ائتمنتني عليها لكي يكون كل المجد لاسمك المبارك. باسمك يا ربي يسوع أصلي، آمين.”

أيها القارئ الكريم،

اشترِ الوقت بأمانة واجتهاد…

اشترِ الوقت للكرازة بالإنجيل…

اهدِ الكتاب المقدس لصديقك أو زميلك…

اكرز بالكلمة في وقت مناسب وغير مناسب.

أنقذ الوقت من أفكار الجهل والغباء

كان الغنيّ الغبيّ يُفكّر في الأرضيات دون أن يفكّر في أبديته (لوقا ١٥:١٢-٢١). وفي هذه الأيام، كثيرون منهمكون في الأرضيات ويظنّون أنهم يعملون لمستقبلهم… ولكن ماذا عن مستقبلهم الأبدي؟

اشترِ الوقت لخلاصك

أخيرًا، أوجه كلمة خاصة لكل من لم يعرف بعد خلاص الرب يسوع… وأقولها من قلب حزين: كم من أناس ذهبوا إلى الهلاك الأبدي لأنهم ضّيعوا أوقاتهم في أمور عالمية ولم يستغلّوا الوقت لحياتهم الأبدية. لقد قال فيلكس الوالي للرسول بولس: “متى حصلتُ على وقت أستدعيك.” لقد خسر هذا الإنسان نفسه ووقته بالتمتّع الوقتي بالخطية. فلو كان حكيمًا لمَا أجّل خلاصه إلى إشعار آخر… ولمَا ذهب للجحيم… فالله يقول لكل إنسان: “هوذا الآن وقت مقبول، هوذا الآن يوم خلاص.” (٢كورنثوس 2:6) فلماذا يؤكد الكتاب على ضرورة الإيمان (الآن)؟ لأنّ الإنسان لا يعرف متى يغادر هذه الأرض.

قال أحد الوعّاظ: “إنّ النعيم الأبدي أو التعاسة الأبدية تعتمد على كيفية استخدامنا للوقت.” افتدِ الوقت… تعال الآن للرب يسوع لتنال الخلاص الأبدي.

إن كنت تسمع همسًا في داخلك قائلًا: لا، ليس الآن، فانتبه وتحذَّر، إنه سهم من الشيطان لكي يضيّع وقتك، فتخسر نفسك وتهلك. عزيزي القارئ، لا أظنك تريد أن تقضي الأبدية في جحيم أبدي، لذلك تعال الآن إلى الرب يسوع فتخلص وتفرح بالمخلّص الوحيد الذي أحبك وبذل نفسه فدية فوق الصليب لأجلك، تعال ولا تُضيّع الوقت.

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *