ضغوط من كل جانب في حياة داود

الاخ انور داود

حد جرب أنه يتضغط من أكثر من اتجاه في وقت واحد؟!

ده اللي جربه داود، ففي سفر صموئيل الأول في الأصحاح الأخير، السفر اللى اتطارد فيه من شاول، الدنيا اتقفلت عليه من كل ناحية، فالنساء اللى كن مصدر عون له ومنهن أبيجايل أخذن منه والستمائة رجل انقلبوا عليه وقالوا برجمه والأعداء اللى ارتضى رفقتهم، طردوه وصقلغ المدينة التى سكن فيه حُرقت بالنار والنساء مع الأولاد اتسبوا، في هذا الوقت قال الكتاب عنه:  “أما داود فتشدد بالرب إلهه” (1صم 30 : 30).  وبدل ما يرثى الظروف وبدل ما يشعر أن النهاية قربت أو مفيش مخرج، ابتدأ يشجع نفسه بحديث داخلي من خلاله يتشجع بمواعيد الله، كأنه يقول: اتشجع يا داود، انصب طولك، الكل سابك لكن ربنا مش هيسيبك، إلهك حي وبيموتش وهو عنده للمشاكل ألف حل، يقودك من وجه الضيق إلى رحب لا حصر فيه!!  وفعلاً بقية السفر توضح أن الرب قدر أن يخرج داود من هذه المحنة ويخلي المحنة ذكريات ويقدر الرب معنا ينسينا المشقة كمياه عبرت نذكرها وتتحول المحن إلى اختبارات نحكيها عن جود وصلاح الرب في حياتنا.

في صموئيل الأول، وقت المطاردة من شاول، أرسل له الرب معونات مثل يوناثان بن شاول والنساء وصموئيل النبي اللى كان بسمع له ويصلى معه وأخيمالك الكاهن اللى زوده بسيف وبخبز وبالستمائة رجل اللي اجتمعوا إليه  في المغارة، لكن العجيب إن سفر صموئيل الأول لم ينتهِ إلا ويخبرنا أن هذه الدعامات تساقطت واحدة وراء الأخرى، ففي الوقت الذي لم يجد فيه التشجيع من أحد، وجد التشجيع من خلال العلاقة مع الرب.

أما مزمور 62 كتبه وهو مطارد من أبشالوم ابنه وهنا الجرح مختلف، لأنه جاء من بيت الأحباء، من الابن من الجهة غير المتوقعة، ففي الدائرة البعيدة من الممكن أن نتألم ونحتمل الألم، لكن من الدائرة القريبة بتبقى الجروح غائرة!

تحمل داود مطاردة أبشالوم ولم يكن له المشجعات مثلما كانت له وقت مطاردة شاول سابقاً.

لكن بالتأمل في الثمانية الأعداد الأولى، لنا بعض التشجيعات نذكرها في عجالة:

1-2 إنما لله انتظرت نفسي من قبله خلاصي. إنما هو صخرتي ملجأي لا أتزعزع كثيرًا (أبدًا)”.   يتغنى داود عن بركات انتظار الرب وأن سبب انتظاره لأن من قبله خلاصه ومعنى الخلاص هنا الإنقاذ والنجاة وسبب قناعته هذه جعلته لا يفقد توازنه ليت الرب يعطينا نعمة ألا نفقد توازننا وقت الضغوط (مثال: فسارة وقت الضغوط من هاجر، فقدت توازنها وأذلت هاجر بعد أن ألقت كل الملامة على إبراهيم شريك حياتها كأنه السبب في ألامها مع أن قرار هاجر كان بدايته من عندها على العكس الشونمية التي لم تفقد توازنها وقت موت ابنها وقالت  لزوجها ثم لأليشع عن الولد: سلام للولد).

فالتجارب تكشف لنا ضعفنا وهشاشيتنا ولكنها في ذات الوقت تظهر ثباتنا وصمودنا هذه المعادلة المتناقضة لا تحل سوى في أن الرب موجود في المشهد، فوجود الرب في المشهد وأمام الأعين واقترابنا منه وقت التجارب يجعلنا نحصل على العون في حينه وهذا هو سر ثبات المؤمنين في أعماق التجارب حتى التي تصل للبلوى المحرقة.

3-4 “إلى متى تهجمون على الإنسان تهدمونه كلكم كحائط منقض كجدار واقع إنما يتآمرون ليدفعوه عن شرفه يرضون بالكذب. بأفواههم يباركون وبقلوبهم يلعنون”.

هنا نرى الكلمات التي تأتي من الخارج وكافية أنها توقعه نفسيًا وروحيًا مثلما أوقعته أيام شاول لما قالوا له اذهب اعبد الرب في أرض غريبة والنتيجة تجاوب مع هذه الأصوات المزعجة وقال: سأهلك يومًا ما بيد شاول، فلا خير لي إلا أن أفلت إلى أرض الأعداء وهرب فعلاً وقتها إلى أرض الفلسطينيين، فهناك كلمات كافية أن تضعف إيماننا وثقتنا في الرب وهذا هو معنى “يدفعونه عن شرفه”، لكنه يبدو أنه في هذه المرة كانت منتبهًا لهذه الأصوات المفشلة.

5-8 “إنما لله انتظري يا نفسي لأن من قبله رجائي. إنما هو صخرتي وخلاصي ملجأي فلا أتزعزع على الله خلاصي ومجدي وصخرة قوتي محتماي في الله توكلوا عليه في كل حين يا قوم اسكبوا قدامه قلوبكم الله ملجأ لنا. سلاه”.

نلاحظ ياء الملكية في كلمة صخرتي ملجأي وهكذا هو خصص الله في ظروف الحياة الصعبة، فإن كنا نحتاج للرب لأجل ضمان الأبدية، ففي ذات الوقت نحتاج له لأجل البرية.

مرة أخرى، داود يحول حديثه الداخلي مع النفس لحديث إيجابي فقال: لله انتظري يا نفسي لأن من قبله رجائي وكلمة رجائي تُعني أن اللي جاي أفضل حتى ولو اللي جاي سيتحقق كلية بمجيء الرب، لكنه سيتحقق جزئيًا هنا في النجاة من التجارب.

تدريب: ليتنا نقلل الأحاديث الداخلية أو نحولها لأحاديث مع الرب، لأن الأحاديث الداخلية بتكون بسبب ضغوط نتعرض لها، فليتنا نحول المادة التي هي سبب ضغوط علينا نفسيًا لمادة صلوات مع الله.

وداود اللي اختبر السلام في التجارب والاتكال على الرب يصلح أن يقول للكثيرين: اتكلوا على الله يا قوم، وهكذا المؤمن يجب أن يكون له تأثير إيجابي على من حوله.

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies.