عزيزي الله

الاخت آن عماد

تحية طيبة وبعد

رسالتي لك اليوم هي رسالة امتنان

لم أكن أتوقع إنه سيأتي اليوم الذي سأعبَّر لك فيه عن امتناني للفشل!

في قاعٍ بتراكم الفشل رأيتك.

رأيتك كما لم أركَ من قبل!

في قاع فشلي

في انتكاستي في ما قد سبق، بعد أن قطعت فيه -سابقًا- أشواطًا لا حصر لها من النجاح

في سقوطي وتعثري وعدم قدرتي على القيام

في ذلي من انهياري

في فشل كل طرقي القديمة المعتادة لمعاودة المسير

لم تتركني.

صرخت لك في يأس فشلي من نفسي

طلبت زيارة خاصه منك

رجوت أن تنهي أنت ما أعانيه

ولم تخيِّب انتظاري.

تأسرني حكمتك الرقيقة في التعامل معي في مرضي

في خفوت شعلتي وهشاشتي

يقيني بأنك من صنعتني، يجعلني في قاع عجزي وفشلي أترقب برجاء طلَّتك البهية.

في خزيي من ذاتي وجدتك عند بحيرة طبرية

تطعمني وتبتغي الاختلاء بي

لا لتعنفني كما عنَّفت نفسي

ولا لتذكِّرني برسوبي المشين

أتيت وأنت تقصد اصطدامي الأخير بحقيقة إني:

لست الأفضل كما كنت أسعى لأن أثبت

بل الأفشل، الأحقر، الأندل

وماذا بعد؟

هناك. في قاع البؤس والمرارة وأنا فارغة اليدين، لا أملك سوى شهادة فشلي، ذُهلت وأنت تمزقها وتلقيها بعيدًا.

حبك لا يعُطى للأفضل أو الأكثر حبًا من هؤلاء!

هناك أذقتني النعمة وهي تغرقني بشلالات من الحب

شلالات أزاحت كل اعتقاد بأن البقاء للأقوى

ففي ملكوت نعمتك لا وجود للمنافسات على اجتذاب حبك!

في وجع رسوبي وعند البحيرة،

أيقنت بأني محبوبة للمنتهى!

عندئذ ارتاحت قيمتي في حبك

تردَّد الصوت بداخلي:

“من اليوم

لا مزيد من التنافس ولا مزيد من المقارنات يا نفسي يا محبوبة”

ها أنت توكِّلني بمهام في ملكوتك.

تؤكد لذاتي إنك بالحق تتغاضى عن كل شيء، وها أنت تدفعني لأن أتجاوز كل شيء أنا أيضًا.

تملاني بيقين الحب لأتمم مشيئتك

فكيف لا أمتن للفشل؟

كيف أهرب منه؟

فهناك وعلى الرغم من ليله الكحيل، استوقفتني… وفى ظلامه استنرت!

معك تعلمت أبجدية جديدة للحياة.

فبمعيتك أضحت مرتفعاتها ومنخفضاتها رحلة ممتعة

فكيف أهرب منه وأنت معي؟!

سرت معي وادي ظل فشلي بكل تفاصيله

لم تحتقر ألمي

لم تستنكر دموعي

لم تدفعني لأكبت أو أهرب من هول الألم.. بل

هدَّأت وسكنت نفسي كفطيم نحو أمه

هدّأت وسكنت ذاتي المكسورة من فشلها كفطيم نحو نجاحها

شجعتني لاحتمل ألم الفشل للنمو

ليتعمق في دواخلي يقين بأن قيمتي الحقيقية ليست في فشلي أو نجاحي، بل في حبك

رأيتك تسير بجواري تسندني لأكمل المسير

تبكي لألمي

وفى نفس تلك اللحظة تبث بداخلي الرجاء

أن بعد موتي – عن نجاحي وفشلي – هذه قيامة

تذوَّقت حينها طعمًا جديدًا للفشل

كان قبلًا مريرًا حارًا لزجًا يلتصق بحنكي منغصًا ومشوهًا صورتي عن نفسي، كثيرًا ما دفعني للمزيد من المنافسات ليبرح طعمه البغيض، ولكن دون فائدة.

أما معك فقد كان مريرًا، ولكنك شجعتني لأتناوله لآخِر قطره دون الهروب منه.

وحينما كنت أرتجف من خوفي من أن أنكسر وأموت، كنت تذكِّرني بقبرك الفارغ وقوة روحك الساكن فيَّ.

بك استطعت أن أهتف “أين غلبتك يا هاوية؟!”

نعم أكره الفشل، أكره رائحته النتنة وهي تقرِّح جسدي، ولكن في قباحته أتمتع بمرآك وأنت تعيد إليَّ صورتي التي تراني بها..

يتدفق في شراييني جرعات جديدة من حبك وقبولك المنعش لروحي وجسدي..

فتستنير عيناي بمعرفة من أنا؟ وكيف تراني؟

نعم، أـمتن للفشل.

ففيه أعاينك بشكل لم أعهده في بريق النجاحات وتصفيق الجماهير

فيه تجترع نفسي النعمة بجرعات مركزه طازجة،

ما زالت أنبهر بك وبعملك فيِّ

مهما كان “أنت بالحق أكبر”

مع حبي

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies.